القيادة المسيحية
في كل مجتمع أو جماعة، يحتاج الناس إلى قادة، قادرين على التأثير الإيجابي في الآخرين، وتُعلمنا كلمة الله أن القيادة المسيحية ليست مجرد موقع سلطة، أو منصب، أو نفوذ نمارسه على الأخرين، لكنها دعوة مقدسة لخدمة الأخرين، وتوجيههم لإقامة علاقة شخصية مع الله، ونجد في يسوع المسيح، أعظم قائد في التاريخ، نموذجًا فريدًا للقيادة المسيحية الحقيقية، المبنية على المحبة، والخدمة، والتواضع، يقول الرب يسوع "فَلاَ يَكُونُ هكَذَا فِيكُمْ. بَلْ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَصِيرَ فِيكُمْ عَظِيمًا، يَكُونُ لَكُمْ خَادِمًا، وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَصِيرَ فِيكُمْ أَوَّلاً، يَكُونُ لِلْجَمِيعِ عَبْدًا" (مرقس10: 43و44)، هذا النص يُعلمنا أن القيادة المسيحية ليست التركيز على الذات والبحث عن المكانة، بل هي خدمة الآخرين، ويُمكن للمؤمنين أن يقودوا الآخرين من خلال الطرق الآتية:-
المحبة هي أعظم برهان للقيادة المسيحية "لَيْسَ لأَحَدٍ حُبٌّ أَعْظَمُ مِنْ هذَا: أَنْ يَضَعَ أَحَدٌ نَفْسَهُ لأَجْلِ أَحِبَّائِهِ" (يو13:15)، القيادة المسيحية تعني الإستعداد للتضحية براحتنا، وأوقاتنا من أجل خدمة الآخرين، وهذه التضحية تنبع من محبتنا لله، والتي تنعكس عمليًا إلى محبة للآخرين، والقائد المسيحي يرى الأشخاص الذين يقودهم ليسوا كأتباع أو مرؤوسين، بل كأخوة وأخوات يحتاجون إلى تشجيع، وتوجيه نحو الطريق الصحيح.
كقادة مسيحيين، نحن مدعوون أن نكون مثل الرب يسوع الذي غسل أقدام تلاميذه، وهوعمل كان يقوم به العبد، ولقد أوضح المسيح أن القيادة الحقيقية تضع إحتياجات الآخرين فوق إحتياجاتنا الشخصية، وان التواضع يُمكننا من خدمة الأخرين بإخلاص "لأَنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ أَيْضًا لَمْ يَأْتِ لِيُخْدَمَ بَلْ لِيَخْدِمَ وَلِيَبْذِلَ نَفْسَهُ فِدْيَةً عَنْ كَثِيرِينَ" (مرقس45:10)، في كل يوم، الله يعطينا الفرص أن نكون قادة في أماكننا: في الكنيسة، العمل، العائلة، والمجتمع، ان القيادة المسيحية تكمن في كيفية تعاملنا مع الأخرين، وخدمتنا لهم بمحبة المسيح، فبهذا يتمجد الله في حياتنا، وفي كل ما نقوم به.
إن إتباع نموذج يسوع في القيادة، يجعل القائد المسيحي أداة لإحداث التغيير الإيجابي، وأن يصنع فرقًا حقيقيًا في حياة الآخرين وفي العالم من حوله، والرب يسوع يدعونا "تَعَلَّمُوا مِنِّي، لأَنِّي وَدِيعٌ وَمُتَوَاضِعُ الْقَلْبِ"(مت29:11)، وكلمة الله تدعونا أن نسلك كما سلك المسيح "مَنْ قَالَ: إِنَّهُ ثَابِتٌ فِيهِ يَنْبَغِي أَنَّهُ كَمَا سَلَكَ ذَاكَ هكَذَا يَسْلُكُ هُوَ أَيْضًا" (1يو6:2)، والرسول بطرس يؤكد على ذلك بقوله "لأَنَّكُمْ لِهذَا دُعِيتُمْ. فَإِنَّ الْمَسِيحَ أَيْضًا تَأَلَّمَ لأَجْلِنَا، تَارِكًا لَنَا مِثَالاً لِكَيْ تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِهِ" (1بط21:2)، القائد المسيحي هو الذي يعيش حياته اليومية على مثال المسيح في النزاهة، والتواضع، وبهذه الطريقة يستخدمه الله لجذب وقيادة الأخرين لمعرفته.
لا يمكن للمؤمنين القيادة بفعالية، إذا لم يعتمدوا على الله في كل خطوة، وطلبوا إرشاد وتوجيه الروح القدس لهم في قراراتهم، في سفر الأمثال (5: 3-6) " تَوَكَّلْ عَلَى الرَّبِّ بِكُلِّ قَلْبِكَ، وَعَلَى فَهْمِكَ لاَ تَعْتَمِدْ.فِي كُلِّ طُرُقِكَ اعْرِفْهُ، وَهُوَ يُقَوِّمُ سُبُلَكَ."، القائد المسيحي هو الذي يتكل على الله، ليقوده ويوجهه في كل قراراته.
القيادة المسيحية ليست عن الألقاب أو المناصب، بل عن القلب الذي يخدم، نحن مدعوون أن نقود بحب، وقدوة، وتضحية، وأن نعتمد على الله في كل خطوة، تابعين الرب يسوع النموذج الأعلى للقيادة، لنكون نورًا في العالم من حولنا، فلنصلي أن يمنحنا الله قلبًا خادمًا، ويُعلمنا كيف نكون قادة مسيحيين، ننشر محبته في كل مكان نذهب إليه، لنقود الآخرين ليختبروا نعمته ويتمتعوا بمحبته.